فنون: ابنة رياض تكشف أسرار والدها
عبدالجبار العتابي
مرت يوم السابع من شهر اذار / مارس الحالي الذكرى الثالثة عشرة لرحيل
المطرب العراقي رياض احمد الذي ترك بصمة مهمة في الغناء العراقي للمؤهلات
التي كان يمتلكها صوته لاسيما في غناء طور (المحمداوي) ولادائه المؤثر ،
ومثلما ما زالت اغنياته قريبة من نبض المستمع العراقي ، ما زالت الكثير من
اسرار حياته غائبة ، وقد التقينا ابنته (نعمة) التي تعمل مقدمة برامج في
احدى الفضائيات وتحدثنا معها عن ذكرياتها معه .
* ما الباقي في ذاكرتك وما زال معك؟
- لا يزال رياض الاب باقيا في روحي ، ولكن اكثر ما اسمعه في ايامي وعلى
الدوام هي ضحكته ، فهي ما زالت ترن في رأسي لانها كانت مميزة ، في صحوي
ومنامي أسمعها وأتخيل وجهه معها، كان دائما يضحك معنا ويحاول أن يضحكنا،
هذه الضحكة عندما أسمعها أحس بقلبي ينبض بسرعة كبيرة وكأنني اعيش اللحظة
معه .
*هل تذكرين يومه الاخير ؟
- نعم .. وما زلت أتخيل ما جرى، كنت صغيرة لكنني كنت أرى وأفهم وما زالت
تلك اللحظات خالدة ، أذكر أنه عاد الى البيت في وقت الفجر من حفلة خاصة ،
نادى عليّ أنا وأختي (رحمة) كما في كل يوم حين يأتي ويتفقدنا، أيقظنا من
النوم، أتينا اليه، كان وجهه شاحباً جداً و(تعبان) بشكل غير طبيعي ، شاهدت
بياض عينه وقد صار أصفر ، و (سمار) وجهه قاتم اكثر ، قال لنا كلمات ما زلت
اتذكرها جيدا بالحرف الواحد ، قال (انا تعبان جدا) وطلب ان ينام في الصالة
ففرشنا له ووضع رأسه على ارجلنا وقال : (انا راح اروح بعيد) قالت له رحمة
: سأجيء معك ، فقال لها : لا .. المكان الذي سأروح اليه ما يصير انت
تروحين له ) بعدها نام، وتركناه لانه يحب ان ينام في الهدوء ، وتواصل نومه
طوال النهار حتى الساعة التاسعة مساء، كانت نومة غير طبيعية ، سمعناه
ينادي (لولو) وهو اسم اختي (رحمة) المحبب لديه، ركضت اليه رحمة لكنها رجعت
وقالت انه نائم، وبعد قليل سمعنا الصوت نفسه فأتيناه انا وامي واختاي رحمة
وطيبة، كان يأن أنيناً غريباً، استغربت امي من الصوت وطلبت شخصا من
الجيران وهو
من اعز اصدقائه، فقال لامي لماذا تركتيه ينام هكذا، وكان انينه لا ينقطع،
واتصلنا بأخي احمد وذهبنا به في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل الى
مستشفى (مدينة الطب) وادخله الاطباء غرفة العناية المركزة لانه كان في
غيبوبة، وحاول الطبيب ان يجعله يصحو ولكن بلا فائدة، واذكر ان في تلك
الساعة امتلأ المستشفى بالاقارب والاصدقاء، دخلت عليه امي وهمست في اذنه،
قالت له : (رياض انا ام طيبة، فهمني شبيك)، ففتح احدى عينيه ونظر اليها ثم
اغمضها حتى ان الطبيب استغرب من ذلك،عدنا الى البيت كما طلب منا الطبيب،
ولم ننم ليلتها، في الساعة السابعة صباحا جاء اخي احمد وطلب ملابساً له
وقال انه جيد، وبعد ساعتين اخذتنا امي الى المستشفى وهناك وجدنا خارجه
احمد وهو يضرب على رأسه وهو يقول : (خلص .. ابوي مات) مات في الساعة
التاسعة صباحا ، ولم اعرف ما جرى فقد اغمي عليّ، وفي البيت حين استفقت
شاهدت اقربائنا يعدون المأتم ، كنت انظر اليهم ولكن لم افهم بعد ما يحدث ،
أتوا به الى البيت ولانني صغيرة فقد ارتجفت خوفا عندما شاهدت التابوت
وكانت لدي حالة هستيريا ،ومن ثم نقلوه بسيارة المطرب سعدون جابر الى مثواه
الاخير في النجف .
*متى شعرت بفقدانه حقا ؟
- بعد ثلاثة اشهر..، وكنا نريد السفر خارج العراق، اقسم بالله العظيم،
سمعت صوته ونواحه في غرفته، كأنه لايريد لنا ان نسافر، واذكر اننا من
الخوف صعدنا على الارائك، احسسناه موجودا بالفعل في تلك اللحظة ولكنه
اختفى فجأة، كنا نسمع وقع اقدامه ونركض اليه، صارت لدينا تخيلات اننا نراه
في كل مكان ونسمع صوته.
* متى شعرت انك بحاجة اليه ؟
- في اقل موقف كنت اشعر بحاجتي اليه ، فأنا لا اعرف سوى رياض احمد الاب
وما كان يدخلنا في شؤون فنه، لذلك بعد وفاته بسنة كنت ألجأ الى اغانيه
واقرأ عنه كثيرا واسأل أمي عنه حتى صرت أقلده، وإذا قالت أمي أنه كان يقرأ
الكتاب الفلاني كنت أشتريه لاقرأه واريد اعرف لماذا كان يقرأه،ربما لا
تصدق ان قلت لك ان بابا منذ وفاته الى غاية الان لا يمر اسبوع دون ان
يأتيني في المنام ربما لانني افكر فيه كثيرا قبل ان انام، كما اذكر عندما
تزوجت اختي طيبة، وكنت حينها في عمان، تحدثت مع صورته، جاءني في المنام
وقال لي انه فرحان لان طيبة تزوجت، وطلب مني ان ابلغها تحياته وتهانيه لها
وشاهدت دمعة في عينه ما عرفت معناها .
* هل هنالك اغنية له ترددينها دائما ؟
- اغنية (عرفت روحي انا / ما يرهم لي خل) التي صارت اغنيتي المفضلة ،
احسها قريبة الى نفسي وربما هي الاقرب الى نفسه لانها تنطبق على حياته .
* ما الذي يمكن ان تقولينه عن شخصيته ؟
- شخصيته من النوع الصعب ، ولكن في الوقت نفسه هو محبوب من الجميع ، ربما
يمتلك في هذا تناقض ، تجده عصبيا ولكنه هادئ جدا وحنون ومحب للجميع .
* لماذا لم تحاولي التأثر به كمطرب؟
- تركت الغناء لاختي رحمة فهي تحب الغناء وان كان غير موافق على ان تدخل
مجال الغناء ، كان يرفض ان يدخل اي احد منا هذا المجال او الفن بشكل عام
لانه كان يعرف ان طريق الفن صعب على الرغم من اننا جميعا نمتلك اصواتا
جميلة ،وربما لانه اكثر فنان شعر بالتعب في حياته .
* ما الشيء الذي تتمنين ان تفعليه له ؟
- ان اعمل له كتابا يوثق سيرة حياته الخاصة والفنية كي تعرف الناس من هو
رياض احمد ، وعندي مذكراته بخط يده هي عبارة عن يوميات كان يكتبها عن
حياته الاسرية والفنية والعديد من المواقف التي مرت به والتي لايعرفها
الناس عنه ، وبالمناسبة هو يكتب بشكل جميل كما ان خطه جميل.
* ما حقيقة ما يقال انه كان يعاني من حالة نفسية سيئة داخل الاسرة؟
- سأختصر لك ذلك بكلمات وهي انه وصل الى حالة الحب الجنوني لوالدتي ولا
اعرف له تفسيرا على الرغم من اسئلتي الكثير لامي لكنها تظل بلا اجوبة ،
هذه الحالة تدفعه الى ان يكون في حالة غيرة شديدة لا احد يعرف سببها ولا
مبرر لها ، يتعصب جدا ويغضب لاي شيء على الرغم من حبه الكبير لها .
* ومن خارج البيت هل كان يعاني فعلا؟
- نعم ..بسبب الحفلات الخاصة التي يفرضها عليه بعض رجالات النظام السابق
وكان البعض يتعمد محاربته نفسيا واغاضته وزرع الاحباط في نفسه ، واحيانا
كانت تصله رسائل منهم ولا نجده الا ضاحكا منها .
نقاط التميز 
موضوع: جريدة الصباح العراقيه:: في حوار مع ابنة رياض احمد وهي تكشف اسرار والدها ..حصريا. 
