الأدب مع الله
إذا تنور القلب بأنوار الإيمان انسحبت منه الظلمة، وانفتح السمع ليتلقى آداب الإيمان.
تعرف انك أخي المؤمن أختي المؤمنة على هدى وصلاح بما يظهر منك من تلك الآداب، لا بالدعوى وفصاحة اللسان وطول اللحية وسماكة الجوارب مع العجب وحب الرئاسة.
الأدب:ا
جتماع خصال الخير في العبد، ومنه المأدبة وهي الطعام الذي يجتمع عليه الناس.
والأدب ثلاثة أنواع:
أدب مع الله سبحانه، وأدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم وشرعه، وأدب مع خلقه.
والأدب مع الله ثلاثة أنواع:
صيانة معاملته أن يشوبها بنقيصة،
وصيانة قلبه أن يلتفت إلى غيره،
وصيانة إرادته أن تتعلق بما يمقته عليه.
قال يحيى بن معاذ:
من تأدب بأدب الله صار من أهل محبة الله.
وقال ابن المبارك:
نحن إلى قليل من الأدب أحوج من إلى كثير من العلم.
وقال أيضا:
من تهاون بالأدب عوقب بحرمان السنن ومن تهاون بالسنن عوقب بحرمان الفرائض, ومن تهاون بالفرائض عوقب بحرمان المعرفة.
ومن كمال أدب الرسول صلى الله عليه وسلم
قوله تعالى: "ما زاغ البصر وما طغى" إذ لم يلتفت جانبا و لا تجاوز ما رآه في ذلك المقام. فالالتفات زيغ والتطلع إلى ما أمام المنظور طغيان ومجاوزة.
كذلك كانت أحوال الرسل، صلوات الله وسلامه عليهم، مع الله.
تجد الأدب في كل أعمالهم، وفي خطابهم وسؤالهم.
قال المسيح عليه السلام: "إن كنت قلته فقد علمته" ولم يقل: "لم أقله". وفرق بين الجوابين في حقيقة الأدب، ثم أحال الأمر على علمه سبحانه بحاله وسره، وقال: "ولا أعلم ما في نفسك" ثم أثنى على ربه ووصفه بتفرده بعلم الغيوب كلها فقال: "إنك أنت علام الغيوب".
وحقيقة الأدب
ا
ستعمال الخلق الجميل فإن الله سبحانه هيأ الإنسان لقبول الكمال بما أعطاه من الأهلية والاستعداد، التي جعلها فيه كامنة، فعرفه وأرشده وأرسل إليه الرسل. وأنزل إليه الكتب لاستخراج تلك القوة التي أهله بها للكمال. "و نفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها".
والأدب هو الدين كله، فإن ستر العورة من الأدب. والوضوء والغسل من الأدب. والتطهر من الخبث من الأدب.
ومن الأدب مع الله
السكون في الصلاة و هو الدوام الذي قال الله تعالى فيه: "الذين هم على صلاتهم دائمون" وقيل الدوام: سكون الأطراف والطمأنينة. والأدب في الركوع، تعظيم لله تعالى حتى لا يكون في قلب العبد شيء أعظم منه ويتضاءل ويتصاغر في نفسه حتى يكون أقل من الهباء.
فالأدب مع الله تعالى إجمالا هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرا وباطنا.
ولا يستقيم لأحد الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء:
معرفته بأسمائه وصفاته، ومعرفته بدينه وشرعه وما يحب وما يكره. ونفس مستعدة قابلة لينة، متهيئة لقبول الحق علما وعملا وحالا.
فإذا تنور القلب بأنوار الإيمان انسحبت منه الظلمة، وانفتح السمع ليتلقى آداب الإيمان.
تعرف انك أخي المؤمن أختي المؤمنة على هدى وصلاح بما يظهر منك من تلك الآداب، لا بالدعوى وفصاحة اللسان وطول اللحية وسماكة الجوارب مع العجب وحب الرئاسة.